من قصص الصالحين
لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة
كان سبب توبة بشر بن الحارث – الحافي – أنه رأى في الطريق ورقة مكتوب فيها اسم الله عز وجل قد وطئتها الأقدام فأخذها واشترى بدرهم كان معه طيباً فطيب بها الورقة وجعلها في شق حائط فرأى فيما يرى النائم كأن قائلاً يقول له : ( يا بشر طيبت اسمي لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة ) .
تفوح رائحة المسك من جسده
قيل لأبي بكر المسكي : إنا نشم منك رائحة المسك مع الدوام فما سببه ؟ فقال : والله لي سنين عديدة لم أستعمل المسك ولكن سبب ذلك أن امرأة احتالت عليَّ حتى أدخلتني دارها وأغلقت دوني الأبواب وراودتني عن نفسي فتحيرت في أمري فضاقت بي الحيل ،فقلت لها : إن لي حاجة إلى الطهارة فأمرت جارية لها أن تمضي بي إلى بيت الراحة – أي دورة المياه – ففعلت فلما دخلت بيت الراحة أخذت العذرة – أي البراز – وألقيتها على جميع جسدي ثم رجعت إليها وأنا على تلك الحالة فلما رأتني دهشت ثم أمرت بإخراجي فمضيت واغتسلت فلما كانت تلك الليلة رأيت في المنام قائلاً يقول : ( فعلت ما لم يفعله أحد غيرك لأطيبن ريحك في الدنيا والآخرة ) فأصبحت والمسك يفوح مني واستمر ذلك إلى الآن .
ولدته أمهُ وهي ميتة
ذكر ابن الجوزي في كتابه : (( أمير المؤمنين عمر بن الخطاب )) هذه القصة : عن زيد بن اسلم عن أبيه : بينما عمر بن الخطاب يُعرض عليه الناس إذ به برجل له ابن على عاتقه ، فقال له عمر: ما رأيت غراباً بغراب أشبه من ذلك بهذا . فقال – أي الرجل-: أما والله يا أمير المؤمنين لقد ولدته أمه وهي ميته !! فقال : ويحك فكيف ذلك ؟ قال :خرجت في بعث كذا وكذا فتركتها حاملاً ، فقلت : أستودع الله ما في بطنك، فلما قدمت من سفري أُخبرت أنها قد ماتت ، فبينما أنا ذات ليلة قاعد في البقيع مع ابن عم لي ، إذا نظرت فإذا ضوء شبه السراج في المقابر ، فقلت لابن عمي ما هذا ؟ قالوا : لا ندري غير أنا نرى هذا الضوء كل ليلة عند قبر فلانة ، فأخذت معي فأساً ثم انطلقت نحو القبر ، فإذا القبر مفتوح وإذا هذا في حجر أمة فدنوت ، فناداني مناد ،أيها المستودع خذ وديعتك أما لو استودعتنا أمه لوجدتها ، فأخذت الصبي ونضم القبر . قلت :روى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن الله استودع شيئاً حفظه )) . وروى ابن السني وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من أراد السفر فليقل لمن يخلفه أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه )) . وهذا الإعجاز لهذا المسافر المستودع من بركات اتباع السنة فتأمل !
يحمل متاعه على ظهر الأسد
حكى أن بعض الصالحين كان له أخ في الله ،وكان من الصالحين، يزوره في كل سنه مرة ، فجاء لزيارته ،فطرق الباب فقالت امرأته : من ؟ فقال : أخو زوجك في الله جئت لزيارته، فقالت : راح يحتطب ، لا رده الله ولا سلمه، وفعل به وفعل – يعني دعت عليه – وجعلت تذمذم عليه – أي تذمه – فبينما هو واقف على الباب وإذا بأخيه قد أقبل من نحو الجبل ،وقد حمل حزمه من الحطب على ظهر أسد وهو يسوقه بين يديه ،فجاء فسلم على أخيه ورحب به، ودخل المنزل وأدخل الحطب، وقال للأسد : اذهب بارك الله فيك، ثم أدخل أخاه، والمرأة على حالها تذمذم وتأخذ بلسانها ، وزوجها لا يرد عليها ، فأكل مع أخيه شيئاً ، ثم ودعه وانصرف ، وهو متعجب من صبر أخيه على تلك المرأة . قال : فلما كان العام الثاني جاء أخوه لزيارته على عادته فطرق الباب فقالت امرأته : من بالباب؟ قال :أخو زوجك فلان في الله ، فقالت : مرحباً بك وأهلاً وسهلاً اجلس ، فإنه سيأتي إن شاء الله بخير وعافية . قال :فتعجب من لطف كلامها وأدبها ، إذ جاء أخوه وهو يحمل الحطب على ظهره فتعجب أيضاً لذلك ، فجاء فسلم عليه ودخل الدار وأدخله وأحضرت المرأة طعاماً لهما وجعلت تدعوا لهما بكلام لطيف ، فلما أراد أن يفارقه قال : يا أخي أخبرني عما أريد أن أسألك عنه . قال : وما هو يا أخي ؟ قال : عام أول أتيتك ، فسمعت كلام امرأة بذيئة اللسان قليلة الأدب ، تذم كثيراً ورأيتك قد أتيت من نحو الجبل والحطب على ظهر الأسد ، وهو مسخر بين يديك ، ورأيت العام كلام المرأة لطيفاً لا تذمذم ، ورأيتك قد أتيت بالحطب على ظهرك فما السبب ؟ قال : يا أخي : توفيت تلك المرأة الشرسة وكنت صابراً على خُلقت وما يبدو منها . كنت معها في تعب وأنا أحتملها ، فكان الله قد سخر لي الأسد الذي رأيت ، يحمل عني الحطب بصبري عليها واحتمالي لها ، فلما توفيت تزوجت هذه المرأة الصالحة ، وأنا في راحة معها فانقطع عني الأسد ، فاحتجت أن أحمل الحطب على ظهري لأجل راحتي مع هذه المرأة المباركة الطائعة .
صاحب اللحد المفروش بالرياحين
أتسمعون عن رواد العجلي ؟ عن سكين بن مسكين قال : كانت بيننا وبين رواد قرابة ، فسألت أختاً له كانت أصغر منه ؟ كيف كان ليله ؟ قالت : يبكي عامة الليل ويصرخ . قلت : فما كان طعامه ؟ قالت : قرصاً من الليل وقرصاً في آخره عند السحر ، قلت : فتحفظين من دعائه شيئاً ؟ قالت : نعم ، إذا كان السحر أو قريب من طلوع الفجر سجد ، ثم بكى ، ثم قال : ( مولاي عبدك يحب الاتصال بطاعتك فأعنه عليها بتوفيقك . مولاي عبدك يحب اجتناب خطيئتك فأعنه على ذلك بمنك . مولاي عبدك عظيم الرجاء لخيرك فلا تقطع رجاءه يوم يفرح بخيرك الفائزون ) . قالت : فلا يزال على هذا ونحوه حتى يصبح ، قالت : وكان قد كَّل من الاجتهاد جداً وتغير لونه . قال سكين : فلما مات رواد وحمل إلى حفرته نزلوا ليدلوه في حفرته فإذا اللحد مفروش بالريحان ، وأخذ بعض القوم من ذلك الريحان شيئاً فمكث سبعين يوماً طرياً لا يتغير !! يغدو الناس ويروحون وينظرون إليه ، قال : فكثر الناس في ذلك حتى خاف الأمير أن يفتتن الناس فأرسل إلى الرجل ، فأخذ ذلك الريحان وفرق الناس وفقده الأمير من منزله لا يدري كيف ذهب ! .
غسلته الملائكة
سمع حنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه الجهاد في ليلة عرسه ، فخرج شاهراً سيفه فقاتل حتى قتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه : ( إن صاحبكم لتغسله الملائكة ، فاسألوا أهله ما شأنه ) فسئلت زوجته وكانت عروساً عليه تلك الليلة . فقالت : خرج وهو جنب حين سمع الهاتفة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لذلك غسلته الملائكة ) . [1]
(1) الهاتفة : الصيحة .
قتيل القرآن
من هو ؟ إنه علي بن الفضيل بن عياض . قال أبو بكر بن عياش : صليت خلف فضيل بن عياض صلاة المغرب ، وإلى جانبي علي إبنه ، فقرأ الفضيل : { ألهاكم التكاثر } فلما بلغ : { لترون الجحيم } [ التكاثر :6] سقط علي مغشياً عليه ، وبقى الفضيل لا يقدر يجاوز الآية ، ثم صلى بنا صلاة خائف ، قال : ثم رابطت علياً فما أفاق إلا في نصف الليل . قال الخطيب : مات قبل أبيه بمدة ، من آية سمعها تقرأ ، فغشي عليه وتوفى في الحال . قلت : جاء في بعض الروايات أنه مات عند سماع سورة القارعة .
دعاء مستجاب
عن عطاء قال : (( كان أبو مسلم الخولاني إذا انصرف إلى منزله من المسجد ، كبر على باب منزله ، فتكبر امرأته ، فإذا كان في حصن داره كبر ، فتجيبه امرأته ،فانصرف ذات ليله فكبر عند باب داره فلم يجبه أحد ، وكان إذا دخل بيته، أخذت امرأته رداءه ونعليه ، ثم أتته بطعامه . قال : فدخل البيت ، فإذا البيت ليس فيه سراج ،وإذا امرأته جالسة في البيت مكنسة تنكت بعود معها ، فقال لها : مالك ؟ قالت : أنت لك منزله من معاوية 1 ، وليس لنا خادم ، فلو سألته فأخدمنا وأعطاك . فقال : اللهم من أفسد علي امرأتي فأعم بصرها . قال : وقد جاءتها امرأة قبل ذلك ، فقالت لها :زوجك له منزلة من معاوية ،فلو قلت له يسأل معاوية ،يخدمه ويعطيه، عشتم .قال :فبينا تلك المرأة جالسة في بيتها إذ أنكرت بصرها ،فقالت : ما لسراجكم طفيء ؟قالوا : لا ! فعرفت ذنبها ،فأقبلت إلى أبي تبكي ،وتسأله أن يدعوا الله عز وجل لها أن يرد عليها بصرها .قال : فرحمها أبو مسلم ، فدعا الله لها ، فرد عليها بصرها .
قال رأسه :لا إله إلا الله
إنه الإمام الشهيد أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله . قتله الواثق – الخليفة – في محنة خلق القرآن ، ضرب عنقه بعد أن مدوا رأسه بحبل وهو مقيد ، ونصب رأسه بالجانب الشرقي كان جعفر بن محمد الصائغ يقول : رأيت أحمد بن نصر حين قتل ، قال رأسه لا إله إلا الله . ونقل عن الموكل بالرأس ، إنه سمعه في الليل يقرأ يس ) ، وصح أنهم أقعدوا رجلاً بقصبة ، فكانت الريح تدير الرأس إلى القبلة ، فيديره الرجل .