العلاقة بين الملائكة وبين عباد الله المؤمنين وثيقة
فالملائكة تحبّ المؤمنين، في الصحيحين من حديث أبي هريرة يقول : ((إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل: إن الله يحب فلانًا فأحبّه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض)).
وأنت راءٍ هذا في الأرض بين الناس، من الناس من تحبه الناس وتألفه، وهو لم يعطها يومًا درهما، وقد لا يعرفهم، لكنها محبة السماء ومحبة الأرض، نسأل الكريم من جوده وبره.
والملائكة تصلي علينا
{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الأحزاب:43]، وصلاتها بمعنى الدعاء للناس والاستغفار لهم، فصح عند الترمذي أنها تصلي على معلم الناس الخير، وهي تصلي على المبكرين للمساجد المنتظرين للجماعة كما في مسلم وتقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه. وتصلى على الصفوف الأول منها كما صح عند أبي داود.
وروى أبو داود في سننه وصححه الألباني عن علي بن أبي طالب عن النبي قال: ((ما من رجل يعود مريضًا ممسيًا إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة، ومن أتاه مصبحًا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريف في الجنة)).
وها هي الملائكة تبحث عن مجالس العلم وتشهدها
في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال النبي : ((إن لله ملائكة يطوفون في الطرق، يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم ـ قال ـ: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا)).
وها هي الملائكة الكرام تحضر يوم الجمعة وخطبتها
في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد، يكتبون الأول فالأول، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم، وجلسوا يستمعون الذكر))، فيالله كم من سابق قد كتب في أول صحفهم، هنيئًا له والله، وكم من المحرومين التي تطوى الصحف كثيرًا ولم يدركوها بتأخرهم وتباطئهم.
والملائكة تحبّ القرآن وسماعه
ومنهم من يتنزل من السماء حين يقرأ القرآن، في صحيح مسلم عن البراء بن عازب قال: قرأ رجل سورة الكهف وفي الدار دابة، فجعلت تنفر، فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته، قال فذكر ذلك للنبي فقال: ((اقرأ القرآن، فإنها السكينة تنزلت عند القرآن)).
والملائكة تقاتل مع المؤمنين وتثبتهم في الحروب، وشهودها لبدر وأحد والخندق وغيرها أثبتها القرآن وصحت بها السنة.
والملائكة تناصر الصالحين من العباد بإذن الله
ويأمرها الله بتفريج كربهم، جاء في السير أن أحد الصالحين كان في سفرٍ له، ومعه رجل قد أركبه خلفه بأجر، فلما انتهوا إلى مكان عميق ووعر غدره الراكب وسلّ سكينه وقصده، واستسلم الصالح بين يديه، وقال له: خذ الدابة وما عليها ودعني، فأبى إلا أن يقتله، قال: إذًا دعني أصلي ركعتين، فقال: عجل، قال الصالح: فقمت أصلي، فارتجّ علي القرآن ولم يحضرني منه حرف واحد، فبقيت واقفًا متحيرًا وهو يقول: عجّل، فأجرى الله على لساني: { أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ } [النمل:62]، يقول: فإذا بفارس قد أقبل من فم الوادي وبيده حربة فرمى بها الرجل فمات، فتعلقت به، وقلت: من أنت؟ فقال: أنا رسول الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
والملائكة تشهد جنائز الصالحين
روى النسائي عن ابن عمر وصححه الألباني أن رسول الله قال في سعد بن معاذ: ((هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفًا من الملائكة)).
وأخيرًا ما هو واجبنا تجاه الملائكة؟
واجبنا عدم إيذائهم، وقد شدد العلماء في سبهم، وبعضهم حكم بقتله، وعدد منهم قال بكفره. وعلينا البعد عن الذنوب والمعاصي لأنها مما تتأذى منه الملائكة، فالملائكة لا تدخل الأماكن والبيوت التي يعصى فيها الله سبحانه، أو التي يوجد فيها ما يبغض الله كالصور والكلاب، صح عن رسول الله قال: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة ولا كلب)). ولعل قائلاً يقول: أين البيت اليوم الذي لا يخلو من صورة؟! أجاب عن ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إن هذا مما عمت به البلوى، ويشق التحرز منه، لكن المقصود أن لا تكون بارزة ظاهرة".
وكم هي آلات اللهو والعبث التي تمتلئ بها بيوت المسلمين اليوم مما يمنع دخول الملائكة، ويجعلها مرتعًا للشياطين.
والملائكة تتأذى مما يتأذى به بنو آدم من الروائح الكريهة والأوساخ، فينبغي إكرامهم، وينبغي للمؤمن في الجملة موالاة الملائكة جميعًا ومحبتهم.
::
::