أولاً..مراتب الدين الإسلامي ؟
قبل أن ندخل بأركان الإسلام علينا أن نعرف مراتب الدين الإسلامي..
وهي ثلاثة مراتب ينطلق المسلم من أولها كالسلم تصاعدياً حتى يصل لأعلاها..
الإسلام : وهو المرتبة الأولى وله خمسة أركان وهي الأركان التي سنبحر بها إن شاء الله..
الإيمان: وهو المرتبة الثانيه وله ستة أركان وهي: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وله من الشعب بضعٌ وسبعون شعبه أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق..
الإحسان: وله ركن واحد وهو أن تعبد الله كأنك تراه..
هذه المراتب التي نزل جبريل عليه السلام على هيئة رجل ليعلمها ويفهمها للصحابة رضوان الله عليهم ولنا من بعدهم..
كماورد بالحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد فجلس إلى النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ قال رسول الله «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» قال صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه! قال: أخبرني عن الإيمان؟ قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره» قال: أخبرني عن الإحسان؟ قال: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» قال: أخبرني عن الساعة؟ قال: «ما المسئول عنها بأعلم من السائل».
قال أخبرني عن أماراتها؟ قال: «أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان» ثم انطلق فلبثت ملياً ثم قال لي: «يا عمر أتدري من السائل»؟ قلت الله ورسوله أعلم قال: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم» رواه مسلم
كيف يرتقي المسلم سلم هذه المراتب؟
لعلنا نتساءل الآن كيف يصبح المسلم مؤمناً؟..يقول الله تعالى:" قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"
المسلم كما نعلم جميعاً هو من نطق الشهادتين وعمل بأركان الإسلام جميعها لكن هل نقول عنه مؤمن؟
متى ما وصل الإنسان لمرحلة تزكية النفس عن الهوى وترفعها عن الصغائر وخالطه الخشوع واستشعار كل ركن من الأركان بقلبه، فيكون عمله بأركان الإسلام الخمس ليس مجرد حركات وأمور يؤديها ثم ينتهي! بل هي أكبر من ذلك إذ يستشعر عظمة كل ركن منها..
وهذا يذكرنا بحديث الرجل الذي كان يصلي وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول له:"ارجع فصل فإنك لم تصل"وكررها عليه ثلاثاً ..وذلك لأنه كان لا يتأنى بصلاته!
إذاً نقول الإيمان: تصديق بالجنان وقول باللسان وعمل بالجوارح..
ولذلك نلاحظ في آيات كتاب الله إذا ذكر الإيمان ذكرت معه ثلاثة عناصر وهي:القول، العمل، التصديق..
وقد وصفهم الله تعالى في السورة التي تحمل اسمهم سورة المؤمنون في أول آياتها قال جل في علاه:
"قد أفلح المؤمنون" كيف أفلحوا وماهي أوصافهم؟ "الذين هم في صلاتهم خاشعون" والصلاة تجمع الثلاث عناصر القول وذلك بالتكبير والقرآن ، العمل بالجوارح، والخشوع بالقلب، "والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للزكاة فاعلون..." من أراد أن يعرف صفات المؤمن فليقرأ هذه السوره..
ونلاحظ أيضاً في هذه السورة ذكر الأقوام الذين آمنوا بربهم وصبروا على الإبتلاء، وهذه من صفات المؤمن، يبتلى في دينه ونفسه وماله فيصبر ويحتسب في بلوته الأجر والثواب، فيرتقي إلى مرتبة الإيمان لأن اليقين خالط قلبه..
تماماً كما في قصة الغلام الكافر ووالديه في سورة الكهف إذ وصف الله تعالى والديه فقال:"وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيناً وكفرا"
لماذا قال مؤمنين؟ ولم يقل مسلمين؟ أو صابرين مثلاً؟
لأنهما صدقا بالله وآمنا و صبرا على ابنهما وكان يقينهما أنه خيرٌ لهما لأن الله اختاره لهما واحتسبا ذلك، فوصفهما الله تعالى بصفة الإيمان..
إذا وجدت هذه الأمور عند المسلم هنا يكون قد ارتقى لمرتبة الإيمان ويمكن القول أن الإيمان قد دخل إلى قلبه..
وأما الإحسان، فهو الأعلى والأعظم، لأن صاحبه يعبد الله كأنه يراه فيخشاه في كل صغيرة وكبيره، ويعلم أنه إن لم يكن يراه فإن الله تعالى يراه..
~ اللهم ادخل الإيمان إلى قلوبنا وزدنا نوراً على نور يانور السماوات والأرض~