الفرق بين الرضا والصبر (الصبر واجب والرضا مستحب)
بسـم الله الرحمن الرحيم
القدر والدعاء
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : عن حكم الرضا بالقدر ؟ وهل الدعاء يرد القضاء ؟
فأجاب قائلاً : أما الرضا بالقدر فهو واجب ، لأنه من تمام الرضا بربوبية الله فيجب على كل مؤمن أن يرضى بقضاء الله ، ولكن المقضي هو الذي فيه التفصيل فالمقضي غير القضاء ، لأن القضاء فعل الله ، والمقضي مفعول الله ، فالقضاء الذي هو فعل الله يجب أن نرضى به ، ولا يجوز أبداً أن نسخطه بأيِّ حال من الأحوال .
وأما المقضي فعلى أقسام :
القسم الأول : ما يجب الرضا به .
القسم الثاني : ما يحرم الرضا به .
القسم الثالث : ما يستحب الرضا به .
فمثلاً المعاصي من مقضيات الله ويحرم الرضا بالمعاصى ، وإن كانت واقعة بقضاء الله ، فمن نظر إلى المعاصي من حيث القضاء الذي هو فعل الله يجب أن يرضى ، وأن يقول : إن الله تعالى حكيم ، ولولا أن حكمته اقتضت هذا ما وقع ، وأما من حيث المقضي - وهو معصية الله - فيجب ألا ترضى به والواجب أن تسعى لإزالة هذه المعصية منك أو من غيرك .
وقسم من المقضي يجب الرضا به مثل الواجب شرعاً ، لأن الله حكم به كوناً وحكم به شرعاً فيجب الرضا به من حيث القضاء ومن حيث المقضي .
وقسم ثالث يستحب الرضا به ويجب الصبر عليه ، وهو ما يقع من المصائب ، فما يقع من المصائب يستحب الرضا به عند أكثر أهل العلم ولا يجب ، لكن يجب الصبر عليه ، والفرق بين الصبر والرضا أن الصبر يكون الإنسان فيه كارهاً للواقع ، لكنه لا يأتي بما يخالف الشرع وينافي الصبر ، والرضا لا يكون كارهاً للواقع فيكون ما وقع وما لم يقع عنده سواء ، فهذا هو الفرق بين الرضا والصبر ولهذا قال الجمهور : إن الصبر واجب ، والرضا مستحب .
أما قول السائل : هل الدعاء يرد القضاء ؟
فجوابه : أن الدعاء من الأسباب التي يحصل بها المدعو ، وهو في الواقع يرد القضاء ولا يرد القضاء ، يعني له جهتان . فمثلاً هذا المريض قد يدعو الله تعالى بالشفاء فيشفى ، فهنا لولا هذا الدعاء لبقي مريضاً ، لكن بالدعاء شفي ، إلا أننا نقول : إن الله سبحانه وتعالى قد قضى بأن هذا المرض يشفى منه المريض بواسطة الدعاء ، فهذا هو المكتوب فصار الدعاء يرد القدر ظاهريا ، حيث إن الإنسان يظن أنه لولا الدعاء لبقي المرض ، ولكنه في الحقيقة لا يرد القضاء ؟ لأن الأصل أن الدعاء مكتوب ، وأن الشفاء سيكون بهذا الدعاء ، هذا هو القدر الأصلي الذي كتب في الأزل ، وهكذا كل شيء مقرون بسبب فإن هذا السبب جعله الله تعالى سبباً يحصل به الشيء وقد كتب ذلك في الأزل من قبل أن يحدث .