[بعض أقوال السلف الصالح في فضل الجهاد والترغيب في]
لقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان على علم تام بفضل الجهاد في سبيل الله وعظمته، وذلك ما حدا بهم إلى التسابق إليه والتنافس فيه.
قال الضحاك في قوله تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم) [البقرة: 216]
قال: (فنزلت آية القتال فكرهوها، فلمَّا بيَّن الله عز وجل ثواب أهل القتال وفضيلة أهل القتال، وما أعدَّ الله لأهل القتال من الحياة والرزق لهم؛ لم يؤثر أهل اليقين بذلك على الجهاد شيئاً، فأحبوه ورغبوا فيه حتى إنهم يستحملون النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا لم يجدوا ما يحملهم تولَّوا وأعينهم تفيض من الدمع حَزَناً ألا يجدوا ما ينفقون، والجهاد من فرائض الله) [الجهاد لابن المبارك (1/66)].
وقال سيف الله خالد بن الوليد:
الذي ذاق حلاوة الجهاد في سبيل الله – بعد أن ذاق الإيمان بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً – وقضى حياته كلها مجاهداً، وأخذ يقارن بين مُتَع الحياة ممثِّلاً لها بعروس هو لها محب، أو بغلام بُشِّر به، والجهاد في سبيل الله، فيرى في هذا متعته وقرة عينه، قال رضي الله عنه: (ما من ليلة يُهدَى إليّ فيها عروساً أنا لها محب، أو أُبشَّر فيها بغلام، أحب إلي من ليلة شديدة البرد، كثيرة الجليد في سرية أصبِّح فيها العدو) [نفس الكتاب (1/91)].
وقال عمرو بن عتبة بن فَرقْد:
(سألت الله عز وجل ثلاثاً فأعطاني اثنين، وأنا انتظر الثالثة: سألته أن يزهِّدني في الدنيا فما أبالي ما أقبل منها وما أدبر، وسألته أن يقوِّيني على الصلاة فرزقني منها، وسألته الشهادة فأنا أرجوها) [نفس الكتاب (2/112)].
قال أحمد بن حنبل :
(لا نعلم شيئاً من أبواب البر أفضل من السبيل. وقال الفضيل بن زياد: سمعت أبا عبد الله – وذُكر له أمر العدو – فجعل يبكي ويقول: ما من أعمال البر أفضل منه. وقال عنه غيره: ليس بعد لقاء العدو شيء. ومباشرة العدو بنفسه أفضل الأعمال والذين يقاتلون العدو هم الذين يدفعون عن الإسلام وعن حريمهم فأي عمل أفضل منه ؟ الناس آمنون وهم خائفون، قد بذلوا مهج أنفسهم) [المغني (9/199) ].